غزوة فتح مكة:
بقي النبي صلى الله عليه وسلم على عهده مع قريش
حتى الشهر التاسع (رمضان) من العام الثامن للهجرة، لكن قريشاً ساهمت مع حلفائها من
بني بكر في قتل عشرين رجلاً من بني خزاعة، وهم حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء
زعماء بنو خزاعة يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم، فبشرهم بنصرتهم على من ظلمهم،
لكنه كان حريصاً على كتم الخبر، فلم يطلع أحداً على نيته، حتى أن أبا سفيان جاء من
مكة إلى المدينة وأراد معرفة نية النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه فشل في مهمته وعاد
إلى مكة خائباً.
·
تجهيز الجيش وبداية الفتح:
جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً قوامه عشرة
آلاف مقاتل، دون أن يعلمهم وجهته، لأنه كان حريصاً على حقن الدماء لأصحابه، والسلم
المجتمعي لأهل مكة، ولما حاول (حاطب بن أبي بلتعة) رضي الله عنه كشف سر حركة الجيش
لقريش؛ كشف جِبْرِيل عليه السلام الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فمنع وصول الكتاب
لقريش، واستدعى حاطباً الذي لم يعرف كيف يبرر موقفه أمام النبي صلى الله عليه وسلم
وقد اتهمه عمر رضي الله عنه بالنفاق، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه قائلاً:
لعل الله اطلع على أهل بدر فقال؛ اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم.
·
متابعة المسير:
ثم سلك النبي صلى الله عليه وسلم نحو مكة سبلاً
غير معروفة لمباغتة قريش، فلما وصل منطقة مرّ الظهران جلس مع جيشه هناك يستريحون، وكان
أبو سفيان قد خرج ليتفقد الأحوال خارج مكة، إذ بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم يأسره
ومن معه، وقد عرض المسلمون جيشهم أمامه ليرى بهم هيبة الاسلام والمسلمين، ثم أدخل أبو
سفيان على الرسول صلى الله عليه وسلم فحاوره فأسلم، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم
الأمان، مثلما أعطى الأمان لمن دخل بيته أو بيت أبي سفيان، ثم رجع أبو سفيان إلى مكة
وخوّف أهلها من مواجهة جيش الإسلام العظيم، وكأن الله تعالى أدخر إسلام أبو سفيان
لهذه اللحظة التاريخية ليكون عاملاً مساعداً على تحقيق الفتح بهدوء.
·
دخول مكة والفتح:
وعندها دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة بجيشه
من جهاتها الأربع دون إراقة دماء، سوى ما حصل من الجهة التي دخل منها خالد بن الوليد
رضي الله عنه، حيث حصلت مناوشات استشهد فيها بعض الصحابة وعدد من المشركين .. وقد دخل
النبي صلى الله عليه وسلم مكة مكبراً مهللاً، وهو يتلو سورة الفتح على بواباتها، وكان
من أعماله فيها:
· تحطيم الأصنام التي في الكعبة وحولها.
· حفظ الأمن لعموم أهل مكة، إلا عدداً يسيراً
ممن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم، وهم بعض أئمة الكفر والمحرضين فيها.
· العفو عن عموم أهل مكة.
· عرض الاسلام على أهل مكة ومبايعتهم عليه، وقد
استجاب له من مَسلمة الفتح قرابة ال ٢٠٠٠ إنسان.
· خطبة يوم الفتح، وتعليم أهل مكة بعض أحكام
الإسلام.
· الصلاة داخل الكعبة المشرفة بعد تنظيفها.
·
تعيين أمير على أهل مكة، هو الشاب عتاب بن أسيد رضي الله عنه.
· تحريم نكاح المتعة على الإطلاق، وقد أبيح لفترة
وجيزة جداً قبلها.
·
تطييب خواطر الأنصار، وقد حسبوا أن النبي صلى الله عليه وسلم سيبقى في بلده
(مكة) بعد فتحها، حتى قال لهم: المحيا محياكُم، والممات مماتكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق