63. إذ هما في الغار:
وانطلقا على بركة الله يوم الاثنين
من العام الثالث عشر للبعثة .. ثم فكر وأعانه الله تعالى على تمويه قريش التي جعلت مائة ناقة لمن يأتي به أو بصاحبه أحياءً أو ميتين .. فنزل قليلاً باتجاه جنوب مكة على الرغم
من أن المدينة في شمالها، وأقام مع صاحبه في غار ثور ثلاثة أيام، وعائلة أبي بكر رضي
الله عنهم تخدمهما؛ بين طعام تُعده أسماء وتربطه في نطاقها، وأخبار ينقلها لهما عبد
الله أولاً بأول .. وراعٍ (عامر بن فهيرة) يمسح آثاره.
فجاءت فرقة من قريش تبحث عنهما .. وأبو بكر
ينظر إلى أقدامهم ويهمس له وهو خائف عليه: يا رسول الله؛ لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا
.. وهو يطمئنه ويقول: ما ظنك باثنين؛ الله ثالثهما .. لا تحزن إن الله معنا
.. فتنصرف تلك الفرقة دون أن تراهما.
64. خروج من الغار وتكملة المشوار:
ثم يكون قرار الخروج من الغار ومعهما دليل (ليس
بمسلم، لكنه موثوق الجانب واسمه عبد الله بن أريقط) يكشف لهما طريقاً متعرجاً عن الطريق
المعتاد إلى المدينة.
لقد كانا يختبئان في النهار ويسيران
بالليل .. وتذكَّر صلى الله عليه وسلم أثناء ذلك رحلة كانت أطول منها بكثير جداً لكنها
لم تكن بتلك المشقة، بل كانت دون مشقة مطلقاً؛ هي رحلة الإسراء والمعراج .. وقد
أرادها الله تعالى معجزة إلهية محضة .. في حين أراد من هجرته أن تكون جهداً بشرياً
محضاً .. بعد الاستعانة التامة به سبحانه.
65. تعقُّبٌ وملاحقة .. ثم فرَج:
لاسيما عند أشد اللحظات فيها كتلك
اللحظة التي لحقهما بها سراقة بن مالك طمعاً في جائزة قريش .. ولما وصلهما وسمع حديثهما
منع الله تعالى خيله من إدراكهما مرة بعد مرة .. حتى أدرك الرجل أن الحبيب صلى
الله عليه وسلم معصوم من الناس .. فرجع ليُغمِّي قومه ويصرف أنظارهم عنهما.. وصار
معهما بعد أن كان عليهما.
وفِي الطريق كذلك جلسا ليرتاحا في خيمة أبي معبد الذي أُعجب ببركة الله تعالى يجريها على يد الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يحلب شاته الهزيلة .. فينشرح صدره للإسلام هو وأهله فيُسلمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق