غزوة ذات الرقاع وغزوة مؤتة:
أما غزوة ذات الرقاع؛ فكان وجهتها قبيلة غطفان، لكن
الغزوة لم تتم، لأن الطرفان أخافوا بعضهم، فلم يحصل قتال، وفيها شُرعت صلاة الخوف.
وأما غزوة مؤتة؛ فقد قيل في سببها: إرادة النبي صلى الله عليه وسلم الثأر لصاحبه
الحارث بن عمير الأزدي، الذي كان يحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك بصرى،
فقتله شرحبيل بن عمرو الغساني على الطريق، بل قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد
توجيه رسالة تأديب للروم وإيقافهم عند حدهم في (الشام) شمال المدينة، حتى لا
يطمعوا بدولته الوليدة الجديدة.
·
أحداث الغزوة:
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم
في الشهر الخامس من السنة الثامنة للهجرة جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى مؤتة في
جنوب الأردن، وجعل عليهم ثلاثة أمراء (زيد بن حارثة، جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن
رواحة، فإن قتلوا فإن المسلمين يختارون من بينهم أميراً عليهم) .. لكن جيش الروم كان
كبيراً (٢٠٠٠٠٠ ألف مقاتل) تقريباً، وقد تردد جيش المسلمين، لكنه عزم أمره وبدأ القتال.
وقد
استشهد قادة الجيش الثلاثة، وحمل الراية بعدهم خالد بن الوليد رضي الله عنه؛ الذي قرر
عمل خطة انسحاب ذكية يحقن بها دماء جيش المسلمين دون أن يعطي الروم فرصة ليفرحوا بانتصارهم
علينا، وهذا ما حصل حين غيّر مواقع جنوده، وجعل الميسرة ميمنة والميمنة ميسرة، وجعل
المقدمة مؤخرة، والمؤخرة مقدمة، فظن الروم أن جيش الإسلام جاءه مدد .. وهكذا رجع الجيش
إلى المدينة بهدوء.
·
نتيجة الغزوة:
هناك من يرى أن نتيجة الغزوة هزيمة لجيش الإسلام
لما فيها من انسحاب، ولأن أطفال المسلمين استقبلوا الجيش بقولهم: يا فُرار يا فُرار.
والراجح الذي نميل إليه أنها كانت
نصراً للمسلمين للأسباب الآتية:
·
حقق جيش الإسلام هدفه من المعركة حيث أوصل رسالة قوية للروم بقوة المسلمين
وبسالتهم، وإيقافهم عند حدهم، وقد تسببت تلك الصورة القوية عن المسلمين بهزيمة الروم
بعد سنة واحدة بالرعب في غزوة تبوك.
·
حصل المسلمون على بعض الغنائم كما جاء في بعض الروايات، والجيوش المهزومة
لا تغنم كما هو معلوم.
·
ذكرُ النبي صلى الله عليه وسلم لعبارة: (فلما فتح الله للمسلمين) وهو يحكي
لأصحابه خبر مؤتة .. وكان رده على من قال بأن جيش المسلمين هم الفُرار: بل هم الكُرار
إن شاء الله.
·
توقف الروم وعدم قدرتهم على التقدم نحو المدينة والإثخان في صفوف المسلمين.
·
بالمقارنة بين قتلى الروم (قيل بأنهم: ٣٣٥٠ قتيل)، وشهداء المسلمين (قيل
بأنهم ١٢ شهيداً)، نجد فارقاً كبيراً يؤكد تفوق جيش المسلمين بشجاعة رجاله وتوكلهم
على الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق